ما هو القتب في حديث النبي عن حق الزوج على زوجته؟

– قَدِمَ مُعاذٌ اليَمنَ -أو قال: الشَّامَ-، فرَأى النَّصارى تَسجُدُ لبَطارِقتِها وأساقِفتِها، فرَوَّى في نَفْسِه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحقُّ أنْ يُعظَّمَ، فلمَّا قَدِمَ، قال: يا رسولَ اللهِ، رَأَيتُ النَّصارى تَسجُدُ لبَطارِقتِها وأساقِفتِها، فرَوَّأتُ في نَفْسي أنَّكَ أحقُّ أنْ تُعظَّمَ، فقال: لو كنتُ آمُرُ أحَدًا أنْ يَسجُدَ لأحَدٍ، لأمَرتُ المرأةَ أنْ تَسجُدَ لزَوجِها، ولا تُؤدِّي المرأةُ حَقَّ اللهِ عزَّ وجلَّ عليها كلَّه، حتى تُؤدِّيَ حَقَّ زَوجِها عليها كلَّه، حتى لو سَأَلَها نَفْسَها وهي على ظَهرِ قَتَبٍ لأعطَتْه إيَّاه.

 

🕋 تحليل الحديث الشريف وتفصيل معانيه

يبدأ الحديث الشريف بقصة الصحابي الجليل معاذ بن جبل عندما قدم من سفر كان فيه إلى اليمن أو الشام. هناك، لاحظ أن أتباع الديانة النصرانية يسجدون لكبار رجال الدين لديهم من البطارقة والأساقفة، وهو فعل يرونه تعظيماً. وعندما تفكّر معاذ في هذا المشهد، رأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بكل تعظيم وتكريم من أي شخص آخر على وجه الأرض. ولذا، عرض فكرته على النبي صلى الله عليه وسلم بعد عودته.

كان رد النبي صلى الله عليه وسلم حاسماً وقاطعاً، حيث شكّل مبدأً عقدياً مهماً: تحريم السجود لغير الله تعالى. قال: “لو كنتُ آمُرُ أحَدًا أنْ يَسجُدَ لأحَدٍ، لأمَرتُ المرأةَ أنْ تَسجُدَ لزَوجِها”. هذا التعبير لا يعني أن الزوج يستحق السجود، بل هو تعبير مجازي يهدف إلى بيان عظمة حق الزوج ورفعة مكانته في نظر الشرع، لدرجة أنه لو كان السجود جائزاً لغير الله لكان الزوج هو أحق الناس به؛ لكن بما أن السجود عبادة خالصة لله، فإنه ممنوع منعاً باتاً لأي مخلوق.


تفصيل معنى “القَتَب” ودلالته

لبيان مدى أهمية حق الزوج، انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوضيح العملي، مبيناً أن المرأة لا يمكن أن تبلغ كمال أداء حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها عليها كاملاً. وهنا ضرب مثلاً بليغاً يتعلق بالحقوق الزوجية الخاصة، فقال: “حتى لو سَأَلَها نَفْسَها وهي على ظَهرِ قَتَبٍ لأعطَتْه إيَّاه”.

كلمة “القَتَب” تعني الرَحْل أو السرج الخشبي الذي يوضع على ظهر البعير للركوب أو حمل الأمتعة. وهذا التعبير يحمل دلالات عميقة جداً:

  1. دلالة الإرهاق والتعب: الركوب على القتب لا يكون مريحاً بل غالباً ما يكون متعباً ومرهقاً، خاصة في السفر الطويل.

  2. دلالة عدم الاستقرار: القتب يمثل وضعاً غير ثابت، سواء كانت الزوجة مسافرة للتو أو مستعدة للانطلاق.

  3. دلالة الانشغال: يمكن أن يدل على الانشغال بالسفر أو التجهيز له، أو عدم توفر المكان المناسب للراحة.

الهدف من ذكر هذا المثل هو المبالغة في تصوير وجوب الاستجابة لطلب الزوج الخاص، حيث يجب على الزوجة أن تلبي رغبته ما لم يكن هناك مانع شرعي أو ضرر صحي، حتى لو كانت في حالة لا تدعو إلى ذلك من تعب وإرهاق أو انشغال. هذا يبرز الأهمية القصوى للإعفاف المتبادل بين الزوجين وضرورة الحفاظ على عفة الرجل وسكينته النفسية، واعتبار تلبية هذا الحق جزءاً لا يتجزأ من الطاعة لله وكمال العلاقة الزوجية.


الفوائد والآداب المستخلصة

يستفاد من هذا الحديث قاعدتان عظيمتان: الأولى هي قاعدة التوحيد بتحريم السجود لغير الله أياً كان المعظَّم، والثانية هي قاعدة فقه الأسرة ببيان عظمة حق الزوج على زوجته وضرورة تقديمه، وأن طاعة الزوجة لزوجها فيما هو مشروع هي قرينة لكمال طاعتها لله عز وجل. وهذا الحق العظيم مبني في الشريعة على أسس المودة والرحمة وحسن العشرة من الطرفين، لضمان استقرار الأسرة وتحقيق السكن النفسي للجميع.

هل تود أن أوضح لك أي نقطة أخرى متعلقة بهذا الحديث أو ربما تبحث عن أحاديث أخرى تتناول حقوق الزوجين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى