«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .. ما هي الأعقاب؟

موضوع عن حديث: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»
أولًا: نص الحديث
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» رواه البخاري ومسلم.
والمقصود بـ “الأعقاب”: مؤخرة القدم أو العظم الناتئ عند الكعب، أي الموضع الذي قد يُترك بلا غسل عند الوضوء.
ثانيًا: معنى الحديث
هذا الحديث تحذير شديد من النبي صلى الله عليه وسلم لمن قصَّر في غسل أعضاء الوضوء، خصوصًا العقبين والكعبين. فكأن الرسول يلفت الأنظار إلى أن ترك جزء يسير من أعضاء الوضوء دون أن يصله الماء يُعرِّض صاحبه للوعيد والعذاب.
وكلمة “وَيْل” في اللغة: لفظ تهديد ووعيد، وقيل هو وادٍ في جهنم، والراجح أنه كلمة عامة للعذاب الشديد.
ثالثًا: سبب ورود الحديث
سبب ورود هذا الحديث أن بعض الصحابة كانوا يتوضؤون، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أن الماء لم يصل إلى أعقابهم كاملة، فأنكر عليهم بشدة وقال هذا التحذير.
ففي الصحيح أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: تخلفنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مرتين أو ثلاثًا.
رابعًا: ما يرشد إليه الحديث
-
وجوب إسباغ الوضوء: أي إيصال الماء إلى جميع الأعضاء الواجب غسلها من غير نقص.
-
شدة التحذير من التهاون بالوضوء: لأن الوضوء شرط لصحة الصلاة، والصلاة لا تُقبل بدونه.
-
عناية الإسلام بالطهارة الظاهرة: فهي مفتاح الطهارة الباطنة، ومفتاح الصلاة.
-
وجوب التنبيه على الأخطاء: فالنبي صلى الله عليه وسلم نبه أصحابه فورًا، مما يدل على أهمية معالجة التقصير مباشرة.
-
أن العذاب قد يكون على ترك جزء صغير من العبادة: فالله سبحانه لا يقبل العبادة إلا كاملة كما شرعها.
خامسًا: الفوائد العملية للمسلم
-
على المسلم أن يتفقد وضوءه جيدًا، خصوصًا في الأماكن التي قد لا يصل إليها الماء بسهولة: كالعقبين، بين الأصابع، باطن المرفق.
-
لا يجوز التهاون بالوضوء أو التسرع فيه، بل يجب أن يكون المسلم مطمئنًا متأنيًا.
-
يُستحب للمسلم تذكير غيره إذا رأى تقصيرًا في الوضوء برفق وأدب، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
-
الوضوء الكامل يزيد من الأجر؛ ففي الحديث: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط».
سادسًا: ارتباط الحديث بالواقع
قد يظن البعض أن الوضوء مسألة بسيطة ولا تستحق العناية، لكن هذا الحديث يبين خطورة التساهل، حتى إن ترك موضع صغير بحجم ظفر من دون غسل قد يفسد الوضوء. وفي وقتنا الحالي مع العجلة وكثرة الانشغال، يحتاج المسلم أن يتذكر هذا الوعيد حتى يعتني بعبادته ولا يضيعها.
الخلاصة
حديث «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» من الأحاديث الجامعة التي تؤكد على وجوب إسباغ الوضوء والعناية به، لأن الوضوء هو المفتاح للصلاة، والصلاة عمود الدين. وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم بالتحذير من ترك أي جزء ولو يسير، لما يترتب عليه من بطلان العبادة واستحقاق الوعيد.

