لماذا تأخر دفن النبي ثلاث أيام
في يوم الاثنين 12 ربيع الأول من العام 11 هـ، عاش المسلمون أعظم فاجعة في تاريخهم، حين ارتفعت روح النبي محمد ﷺ إلى الرفيق الأعلى. وقع الخبر كان صادمًا، حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنكر وفاته في البداية، قبل أن يؤكد أبو بكر الصديق رضي الله عنه الحقيقة بآيات القرآن.
ومع هذه اللحظة العصيبة، تأخر دفن النبي ﷺ ثلاثة أيام، وهو ما أثار تساؤلات على مر القرون: لماذا لم يُدفن كما جرت العادة سريعًا في الإسلام؟
المؤرخون يوضحون أن الأمر لم يكن إهمالًا ولا خلافًا عدائيًا، بل لعدة أسباب مهمة. أولها انشغال الصحابة بمسألة الخلافة، إذ اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة للمسلمين، خوفًا من أن تبقى الأمة بلا قائد في وقت حرج قد يؤدي للانقسام.
السبب الثاني كان البحث عن المكان الأنسب لدفن النبي ﷺ. فقد تعددت الآراء بين دفنه في المسجد أو نقله إلى البقيع، حتى جاء أبو بكر رضي الله عنه بحديث شريف سمعه من النبي ﷺ: «ما قُبض نبي إلا دُفن حيث قُبض». وهكذا تقرر أن يُدفن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها.
أما السبب الثالث فكان تجهيز الجسد الطاهر. فقد تولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل بيت النبي عملية الغسل والتكفين بكل وقار وهيبة، وهي مهمة استغرقت وقتًا كبيرًا لتليق بمقام الرسول الأعظم ﷺ.
وبعد اكتمال هذه الخطوات، دُفن النبي ﷺ مساء الأربعاء، أي بعد ثلاثة أيام من وفاته.
وهكذا نفهم أن تأخر دفن النبي ﷺ لم يكن إلا انعكاسًا لعظمة المصاب، وحرص الصحابة على إدارة شؤون الأمة وضمان وحدتها، مع أداء واجب الغسل والتكفين بأقصى درجات الاحترام. لقد أثبت الصحابة أن حبهم لرسول الله ﷺ لم يكن فقط في الحزن والبكاء، بل في الحكمة وتحمل المسؤولية في أصعب لحظات التاريخ.



