ويبقى الحنين.. كيف أثرت الموشحات الأندلسية الغناء العربي ؟

هل جربت يوما أن تعود إلى الماضي وتخوض تجربة سماع موسيقي من نوع فريد.. تغمرك بحنين الماضي..  و رقي الكلمات ونشوة الألحان، هل جربت أن تسافر بعيدا مع خلطة سحرية تجمع بين الشرق والغرب في أغنية واحدة !!.

الموشحة الأندلسية تأخذك بسحرها إلى هناك، إلى بداية الوجود الإسلامي بالأندلس” أسبانيا ” حاليا، وتعود بك مرة أخرى إلى المشرق الإسلامي فتارة في بيروت حينما تسمع أحد تلك الموشحات بصوت جارة القمر فيروز أو نور الهدى، وتارة أخرى في مصر حينما تسمعها بصوت أقوى الأحبال الصوتية في العالم صوت أم كلثوم.

بدأت الموشحات في بلاد الأندلس في عام 13 ميلادية،حينما استدعى الخليفة الأموي في الأندلس أحد أبرز معلمي الموسيقى في المشرق، والملقب بإمام الغناء العربي” زرياب”، والذي لقى عند الخليفة الأموي في الأندلس مكانة كبيرة، خاصة بعد أن أنشأ أول مدرسة لتعليم الموسيقى هناك في ” سالامانك ” .

الموسيقى في الأندلس

ولأن أهل الأندلس كانوا  يعشقون كل ماهو قادم من الشرق، فتردد على هذه المدرسة الكثير من مريدين تعلم موسيقى المشرق، مع تطور الألحان الذي  ألفها ” زرياب” تلميذ أبا إسحاق الموصلي، تحرر الشعر والكلمات الغنائية من قيودها ، أ أوزانها وقوافيها التي ابتكرها الخليل ابن أحمد الفراهيدي.

وتتكون الموشحة الأندلسية  من ثلاثة أقسام  دورين وخانة كل منها بلحن مختلف تماما عن اللحن  من حيث الاتساع والتنويع،  وبعد سقوط  مملكة غرناطة  أخر معاقل المسلمين في الأندلس، ظلت الموشحات باقية راسخة هناك، بل اانتقلت عن طريق الرحالة  الأوروبيين والحملات الصليبية على المشرق الإسلامي.

المهم هنا أن تسمع مجموعة من تلك الكلمات مع مزيج جالموسيقى الشرقية الغربية مع أشهر الأصوات والملحنين في الوطن العربي، و البداية مع صاحبة الصوت الملائكي الفنانة اللبنانية نور الهدى، وموشح ” عبث الحب بقلبي فاشتكى” ذلك الموشح الذي لقى صدى واسع في  البلدان العربية ، خاصة مع توافر وسائل السماع الحديثة  كـ يتيوب، وساوند كلاود وغيرها .

موشح عبث الحب بقلبي فاشتكى من تأليف الشاعر الأندلسي” يحيى بن عبدالرحمن بن بقى” ومن ألحان الموسيقار الكبير جهاد صالح ، و جاء مطلعها كآتي :

عبث الحب بقلبي فأشتكى
ألم الوجد فلبّت أدمعي
قلت جُد لي يا حبيبي باللقاء
وأت الأسباب هجري ودعِ
أيّها الناس فؤادي شغفُ
وهو من ظلم الهوى لا يُنصف
كم أداريه ودمعي يذرف
أيها الآسر من علمك
بسهام اللحظ أسر الأضلع
كما غنى الفنان ناظم الغزالي موشحا آخر بعنوان  “يامن لعبت به شمول” من تأليف  الشاعر الأندلسي البهاء زهير، ولحنها، عثمان الموصلي ، وجاء مطلعها كالتالي :

يا مَنْ لعِبتْ به شَمُولُ

ما أطيبَ هذه الشمائل

نشوانُ يهـزُه دلالٌ

كالغُصن مع النسيمِ مائل

لا يُمكنُه الكلامُ لكنْ

قد حمـَّل طرْفـَه رسـائل

ما أطيبَ وقتَنـا وأهنـا

والعـاذل غـائب وغـافل

والورد على الخدود غَضٌّ

والنرجس في العيون ذابل

والعيشُ كما نُحبُ صافٍ

والأُنسُ بِمَن نُحِبُ كامل

 

ومن أشهر الموشحات في الوطن العربي أيضا” موشح لما بدا يتثنى” غناه العديد من مطربي الوطني العربي من بينهم نور الهدى وجارة القمر فيروز ، وغيرهم عظماء الوطن العربي ولحنها الأخوين الرحباني، وجاء مطلعها كالآتي :

جادك الغيث إذا الغيث هما يا زمان الوصل في الأندلس

لم يكن وصلك إلا حلما في الكرى أو خلسة المختلس

لما بدا يتثنى قضى الصبا و الدلال حبي جمال فتنا أفديه هل من وصال

أومى بلحظ أسرنا بالروض بين التلال غصن سبا حينما غنى هواه و مال

وعدي و يا حيرتي ما لي رحيم شكوتي بالحب من لوعتي إلا مليك الجمال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى