“اخر المطاف”.. إبداع مسرحي وتقوقع اجتماعي

بقلم نضال الناطور

اذكر جيدا عندما كنت في السنة  الأخيرة من الثانوية(التوجيهي او البكالوريا) تمنيت انا وصديقتي نسرين ياسين ان ندرس الإخراج لميولنا الفنية والإبداعية وحلمنا بعالم مليء بالتغيير والتأثير على المشاهد ، والتحكم في التعبير عن  الواقع بصور غير تقليدية وبمؤثرات متميزة صوتيا وبصريا .

ولكن لم يُحالفنا الحظ، بسبب غياب جامعة حاضنة لعلوم السينما والمسرح في وطننا العربي، ولم يكن هناك بديلا عن الجامعة غير المعهد العالي للفنون المسرحية في مصر .. وبطبيعة الحال، لم أطرح هذا البديل على اهلي لمعرفتي جيدا بانهم لن يقبلوا بغير الشهادة الجامعية … 

فكانت الصحافة والاعلام هي البديل عن ذلك لمشاركتها الفنون السينمائية في بعض العناصر كالتأثير على الرأي العام والعمل من أجل الشاشة، والإضاءة والمؤثرات الجذابة في هذا المجال.

منذ سنتين وفي زيارة عابرة ل جامعة بدر في القاهرة ، علمت أنه في أروقة  هذا الكيان الجامعي كلية للفنون السينمائية  والمسرحية ، كنت مُندهشة فرحا  ومصدومة عندما أخذت الكتيب المتعلق بالتخصصات الموجودة بالجامعة، وقرأت صفحة الفنون السينمائية،   عُدت إلى الوراء ٢٣ عاما عندما حلمت بهذا الكيان الذي حقق وسيحقق حلم الملايين من المبدعين و الخلاقين في هذا المجال.

عندما دُعيت من د. ايمن الشيوي(عميد الكلية)  لحضور اول عرض مسرحي بطولة طلاب هذه الكلية ، لم أتردد في الحضور لشغفي في معرفة كيف سيكون الأداء التمثيلي،  وشعور هؤلاء الطلاب وكل تفاصيل العمل المسرحي …

” آخر المطاف ” اسم المسرحية التي جمعت على خشبتها طلاب مبدعين اتقنوا أدوارهم بمهارة عالية، وأمتعوا جمهورهم بسيناريو يعكس حال الواقع  الذي نعيشه ونضطر معه أحيانا للعزلة الاجتماعية هروبا من واقع مرير.

فضلوا شخوص هذه المسرحية الانفصال عن الآخرين والتقوقُع داخل جدران غرفة أشبه بمسرح بديل عن المسرح الذي فقدوه.. بعد أن هُدم مسرحهم السابق وتحولت اروقته إلى بناية  سكنية كبيرة قرروا أن يُقيموا في غرفة مُعتمة سوداء على أن تكون المكان الذي يجمعهم كما كانوا  في السابق، ويُجنبهم الاتصال والتواصل بالعالم الخارجي او الاختلاط بسبب خوفهم وصدمتهم بما حصل معهم، ومما عانوا منه بعد أن فقدوا خشبة المسرح التي جمعتهم سابقا في عروض وفنون إبداعية مختلفة.

عرض مسرحي رائع ، جمع بين حرفية الأداء التمثيلي، والإضاءة، والديكور المناسب،  والموسيقى المؤثرة بكلماتها والحانها.

مسرحية عكست واقعا عايشته منذ اسبوعين عندما كان يشكو لي صديقي عزلته وانه يمر في مرحلة الرفض والخوف من مشاركة الاخر او اقتحام عزلته،  التي تعوضه بالوعي او اللاوعي عن فقدانه لذاته  او لما يُحبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى