عزيزي المطلق.. عزيزتي المطلقة

بقلم: نشوى سويدان

ارتفعت نسب الطلاق في مصر والوطن العربي خلال الفترة الأخيرة بشكل مفزع، وترجع أسباب انتشار حالات الطلاق إلى سوء الاختيار، وصعوبة الظروف المعيشية، و ربما نقص مهارة إدارة الضغوط وعدم إتقان فن الاحتواء، وأحيانا يتم الزواج لأسباب تافهة فيتبعه طلاق لأسباب أتفه، يضاف إلى ذلك أن كلمة الطلاق أصبحت سهلة و مباحة ومتداولة حتى أنه يمكن إرسالها عن طريق رسالة قصيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نعم.. إلى هذا الحد أصبحنا نستهين بهذا الرباط المقدس الذي خلقه الله لنا لتستقيم حياتنا، وليكون للروح سكن تلجأ إليه إذا ما خاصمتها الدنيا فيكون لها العون والسند والأمان في الحياة كما قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

وبالطبع لابد أن تتحرك الجهات المعنية للحد من ظاهرة انتشار الطلاق وتعديل بعض المواد في قانوني الأحوال الشخصية والرؤية للتخفيف من تداعيات مصيبة الطلاق التي يتحملها أطفال أبرياء، والحقيقة أن أبناء الطلاق هم الضحايا الحقيقيون الذين يبدأون رحلة الشقاء في الحياة بعد أن تضع الحرب أوزارها بين الأب والأم، وأحيانا يأتي هذا الشقاء على يد طرفي النزاع، فقد يستخدمهم أحد الطرفين كسلاح للثأر من الطرف الآخر ظالما كان أو مظلوما، وأحيانا يقرر الطرفان أن يبدءا من جديد تاركين خلفهما كل الذكريات المؤلمة والتي من أهم معالمها أبناء هذا الطلاق، فيتم إلقائهم عند بيت الأجداد أو في أي بيت آخر يأويهم، ليس من المهم على الإطلاق كيف يأويهم وعلى أي أساس، الأهم من ذلك ألا يعكروا صفو الحياة الجديدة، وهناك من يقرر اقتسام الغنيمة بالحق فيتم تقطيع هذه الأرواح ليأخذ كل طرف نصيبه فتكون الخسارة أقل-من وجهة نظرهما- ولتذهب حقوق أسرى الحرب إلى الجحيم.

و رغم قناعتي الكاملة بأن الأب له نفس النصيب من المسئولية، إلا أنني ألوم على الأم في هذه الحالات أكثر من الأب، ربما لأن فطرة الأمومة ترغم المرأة أن تكون الطرف الأكثر حرصا على توفير الأمان لهؤلاء الأطفال، حتى وإن تخلى عنهم الأب، بالطبع هناك نماذج تحتذى في الأمومة والقوة والصبر ولكن هناك نماذج أخرى مخزية، لا تنتمي إلى الأمومة على الإطلاق بل لا تمت للإنسانية جمعاء بأي صلة، وكم من حوادث بشعة نقرأ عنها فتقشعر أبداننا مصدومين من وجود حيوانات بيننا في صورة أناس عاديين، بل قد تجد الحيوان أكثر حرصا على حياة فلذات أكباده، فتراه يوفر لهم الطعام والشراب ويحافظ على حياتهم لدرجة تصل إلى قتل من يحاول أن يؤذيهم.

لست ضد أن يبدأ الطرفان حياة جديدة عسى أن يجدا فيها العوض وينعما بالسعادة والهناء، فهذا حقهما، ولكن لابد من الوضع في الاعتبار أيضا أنه من حق الأبناء أن ينعموا بحياة سوية تكن لهم تعويضا عن ذنب لم يقترفوه، وتجنبهم أمراضا اجتماعية لا حصر لها..ورسالتي إلى رفيق الحياة الجديدة؛ لا تثق فيمن فرط في حق فلذات أكباده، فلن يكون أسهل عليه من التفريط فيك إذا تعارضت المصالح.

عزيزي المطلق، عزيزتي المطلقة.. أشاطركم الأحزان و أقدر رغبتكم في الاستمتاع بالحياة بعد مرارة الخراب والدمار الشامل، ولكن لا تنسوا أن هناك من يتألم بسبب قراراتكم الخاطئة، وقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن التفريط في حق من نعول فقال: “كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول”.. ستسألون عن أبنائكم بأي ذنب ضاعوا، ولن يسامحكم أبناؤكم في الدنيا ولن يغفر لكم رب العالمين في الآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى